السبت، 28 سبتمبر 2013

الطفل والقراءة



الطفل والقراءة
بقلم الباحث / عباس سبتي

     عندما يشرع الطفل في التكلم والتلفظ بكلمات وحروف يفرح الوالدان به لأن الطفل قد كبر وأصبح يفهم لكن أكثر الناس لا يولون هذا الأمر أهمية خاصة إذا بدأ الطفل يردد ما يسمعه من الكبار ، ولا يدرون أن الطفل مثلما يحتاج إلى الطعام والشراب فهو يحتاج أيضا إلى تعليم وتدريب بعد ظهور استعداده وقابلته ، وقد أوصى التربويون إلى تعليم الطفل طريقة علم الصوت خاصة استخراج الحروف والكلمات بمخارجها الصحيحة ، لذا على الوالدين مراعاة أي تحسن وتطور يظهر على طفلهما ، في السنة الثانية والثالثة يردد ما يسمعه من الكبير عندما يقرأ له كتاباً وقد يتصفح الطفل في هذا العمر صفحات الكتاب بطريقة صحيحة ، وهو في حال اللعب ، أو قد يمزق بعض الأوراق ، وعلى الأب ألا ينهره ، بل يتعمد أن يضع في متناول يدي طفله كتباً أو مجلات مستهلكة وزائدة من أجل تنمية حب القراءة في  نفس الطفل .

دراسات تبين أسباب ضعف القراءة لدى الأطفال :
     اظهر استطلاع رأي اجري في بريطانيا ان صغار السن يفضلون حاليا القراءة على شاشات الكمبيوتر اكثر من القراءة في كتاب مطبوع او مجلة. وعكف الصندوق الوطني للمعرفة في بريطانيا على دراسة ما يقرب من 35 الفا من الصغار ممن تتراوح اعمارهم بين الثامنة والسادسة عشرة  .
     وتظهر نتائج تلك الدراسة ان صغار السن مهتمون بشكل اكبر بالوسائل التثقيفية التي تعتمد على العرض على الشاشات كما تشير الدراسة إلى انه فضلا عن تصفح شبكات التواصل الاجتماعي .
     الاجتماعي، ومواقع التصفح الالكتروني، فإن ما يقرب من الثلث من صغار السن يلجأون الى قراءة الروايات من نسخها الموجودة على الشبكات الالكترونية. وتشير الدراسة ايضاً ان الارتفاع في معدلات استخدام الهواتف المحمولة، والحواسيب والحواسيب اللوحية، يحمل اشارة الى ان القراءة اصبحت حالياً نشاطا يتم عبر الشاشات اكثر من الصفحات المطبوعة.
     ووجد الباحثون في هذه الدراسة ان 39 في المائة من صغار السن يمارسون القراءة يوميا على الشاشات واجهزة الحاسوب، وذلك مقارنة بــ 28 في المائة ممن يقرأون يوميا في كتب مطبوعة ( جريدة القبس الكويتية  18/5/2013) .

تعليق:
     لقد ذكرنا في دراسة الألعاب الالكترونية وعزوف الطلبة عن الدراسة إلى الاهتمام المتزايد من الطلبة باجهزة التكنولوجيا بعد ان سلبت منهم الرغبة إلى الدراسة والاستذكار وفي هذه الدراسة تاكيد على ان القراءة الالكترونية تكون مفضلة لديهم لكن من سلبيات هذه القراءة عدم تمكنهم من القراءة الصحيحة او حتى التعبير لأن اللغة الالكترونية تكون ركيكة كما في لغة المعرب .
     هناك أطفال في الخامسة من عمرهم ممن يتقنون العمل على جهاز الكمبيوتر افضل من اهاليهم، بعضهم يتعلمون بفضل الكمبيوتر القراءة او بعض الكلمات الاجنبية، والبعض الاخر يتابع عبر شاشة التلفزة البرامج العلمية او الوثائقية المفيدة، لكن بالرغم من كل ذلك يحذر الخبراء من أن هذه الاجهزة يمكن ان تكون مؤذية اذا لم يستنفر الاهالي جهودهم بالشكل المطلوب .
     قد لا يرغب الاهل بسماع هذا الامر، لان التلفاز وجهاز الكمبيوتر يعملان في غالب الاحيان كمربية يمكن للطفل ان يتفاعل معها بكل سهولة لأكثر من ثلاث ساعات من دون ان يقوم بأي حركة، وهذا تحديدا السبب، لكنه ليس الوحيد.
     الاطفال الصغار بين سن الثانية والثالثة لا يفهمون للاسف بعض الامور التي تجري وقائعها في التلفزيون، وكما يفيد اطباء علم النفس، فإنهم لا يكونون قادرين حتى السادسة من عمرهم على التقاط المعنى الكامل لتلك الامور، وبالتالي اذا سألتم ابنكم البالغ من العمر خمسة اعوام عن الشخصية الرئيسية التي ظهرت في الفيلم المحدد، فإنه قد لا يكون قادرا على الاجابة، حتى لو  «يشاهد»، فإنه لا يفهم ما يشاهده بشكل كامل.كان الطفل .
     السلبية الثانية بالطبع تتمثل في ان الاطفال يتحدثون بشكل اقل، وتقل رغبتهم بالكلام يوما بعد يوم.
     الاحصائيات في هذا السياق لا ترحم، فقبل ثلاثين الى اربعين عاما كانت نسبة الاطفال الذين يعانون من خلل في الكلام في مرحلة ما قبل المدرسة، على المستوى العالمي، لا تتجاوز %4، لكنها وصلت نهاية القرن العشرين الى %25! وهذه ارقام مخيفة حقا، ولا يمكن بالطبع القاء اللوم على اجهزة التلفزة والكمبيوتر فقط، لكن هذه الاجهزة الحديثة تتحمل بالتأكيد قسطا كبيرا من الذنب.
     ما يراه العلماء والأطباء النفسيون خطيرا في الأجهزة الحديثة والألعاب الالكترونية هو أن الطفل يغوص بسهولة في عالمه الخاص، الذي يحل غالبا مكان حياته العادية، بعد ذلك يبدأ بتفضيل هذا النوع من اللعب على جميع النشاطات الأخرى.
     النشاط الأحادي الجانب فيما يخص الكمبيوتر يمكن ان يؤثر على قدرة الطفل في إقامة العلاقات مع أترابه والحفاظ عليها، حيث يتم في هذه الحالة حصر موضوع المصلحة المشتركة والتواصل والاتصال بينهم في الألعاب الإلكترونية فقط، اضافة لذلك يوجد في تلك الألعاب الكثير من العنف والعدوانية، مما يمكن ان يثير لدى بعض الاطفال تصورا مشوها حول العالم، ويمكن عندئذ أن يبدأوا باعتبار العدوانية والعنف أسلوبا سهلا لحل الخلافات وفرض أفكارهم.
     ويحذر الاطباء ايضا من أن الأطفال لا يقومون خلال اللعب على الكمبيوتر بأي نشاط حركي، وغالبا ما يجلسون بشكل غير صحي لا يكون ملائما للظهر، ويعانون من السمنة وثقل الحركة. من جهة اخرى، فإن الألعاب تساعد الأطفال في الخلود الى الراحة بشكل جيد، والتواصل مع الأطفال من العمر نفسه.
     خلال اللعب تتعزز القدرة على المراقبة، وبعض الألعاب تساعد في تطوير القدرة على التركيز، كما أن لبعض الألعاب دورا تثقيفيا. بجميع الأحوال يجب على الأهل أن يضعوا هذه المسألة تحت مراقبتهم الدائمة، ويجب ان يعلموا ما هي الألعاب التي يهتم بها طفلهم، والوقت الذي يقضيه خلالها. وإذا كان الطفل غير قادر على تحمل يوم واحد من دون لعبة كمبيوتر، يفترض بالأهل عندئذ البدء في حل هذه المشكلة.
     الحقيقة تفيد، من جهة اخرى، بأنه لا يمكن لأي شخص اليوم ان يعيش في هذا العالم من دون ان يكون ملما بشؤون اجهزة الكمبيوتر. فهذه الاجهزة تسهل الحياة بشكل عام، لكنها في الوقت نفسه مصدر جيد للتسلية والمعلومات، وبالتالي لا يمكن الحكم على مسألة وجودها بشكل قاسٍ فقط، لأنها تستحق في الوقت نفسه كلمات الثناء والمديح.
     بجميع الأحوال، حاولوا ان يقوم اطفالكم بأشياء اخرى الى جانب جلوسهم امام شاشة الكمبيوتر، اي ان يكون لديهم هوايات اخرى غير الكمبيوتر طبعا، وان يمارسوا الرياضة، ويكون لديهم اصدقاء يلعبون معهم كرة القدم في حال كانوا صبيانا، او بالعرائس للفتيات، فذلك لن يضرهم بكل تأكيد ( القبس الكويتية 24/5/2013)

تعليق:
     أجرينا دراستين الأولى " الألعاب الالكترونية وعزوف الأولاد عن الدراسة "وقد أشرنا على دور اجهزة التكنولوجيا على هذا العزوف ودراسة " تأخر النمو اللغوي لدى أطفال الرياض " وركزنا على أسباب مشكلة النمو اللغوي بعد أخذ آراء عينة الدراسة : المعلمات والأمهات منها نفسية وعاطفية واجتماعية وتوجد طرق علاج وتوصيات يستفيد منها اهل الميدان وأولياء الأمور .
     أشارت الصحف اليومية في (9/2/2013) إلى أن وزارة التربية بدولة الكويت تبنت مشروع " أنا أقرأ " لطلاب المرحلة الابتدائية ونفذته في المدارس وأيضا في المجمعات التجارية أثناء عطلة نهاية الأسبوع ويهدف المشروع تشجيع هؤلاء الطلاب ( بنين – بنات) على ممارسة القراءة باللغة العربية من خلال اقتنائهم قصص تؤكد على القيم والأخلاق الحميدة وغرسها في نفوسهم .

هذا وعلقت على الخبر في حينه :
     نتمنى أن ينجح هذا المشروع بالفعل وليس بالتمني لكن لي ملاحظات وقد علقت على هذا الموضوع قبل أيام وأضيف أن فترة عرض المشروع قصيرة إلى جانب استمرار تفعيل لجنة متابعة طلبة المشروع بمعنى تبني مشروع مكمل للمشروع الأول لهؤلاء الطلبة بعد انتقالهم إلى المرحلة المتوسطة ومشروع ثالث مكمل بعد انتقالهم إلى المرحلة الثانوية وتشكيل لجنة تقويم هذا المشروع لدراسة الإيجابيات والسلبيات أثناء تنفيذه  وتشجيع بقية المجمعات التجارية في مختلف المناطق التعليمية تبني المشروع كي يستفيد أكثر عدد من أولادنا وتخصيص قناة تلفزيونية خاصة لأطفالنا لمساعدتهم على تنمية مهاراتهم الدراسية مع توعية أولياء أمورهم كيفية مساعدة أو تشجيع أطفالهم على القراءة مع الكتابة إذ أن ممارسة الكتابة تثبت مهارة القراءة وتنميها في نفوسهم ولجنة متابعة الأطفال في منازلهم لترغيبهم بالدراسة .

التعلم بالأمثلة الحية والعملية :
     أفضل طريقة لتعليم الأطفال كيف يتعلمون ، هو تعليمهم من خلال الأمثلة الحية ، مثلاً حاول أن تغلق التلفاز واجلس واقرأ كتاباً ، وهذا الموقف يجعل طفلك يشعر بأهمية القراءة دون أن تقول له كلمة واحدة عن أهمية القراءة واستغل ذلك في قراءة القصص إلى طفلك وطفلتك وهما في سن مبكرة ، في البداية أخبره بالقصة في حماسة ولا تخشى بما فيها من أمور غير معقولة أو غير حقيقية طالما هو يهتم بأحداث القصة ، واستخدم الكلمات أو الأصوات التي تعبر عن الأحداث وكأنك تمثل ليتفاعل طفلك مع هذه الأحداث ، وليشعر بالسعادة و المتعة ، وهو يستمع إليك ، مع نمو طفلك سوف يتعود على القراءة ، كذلك اقرأ جملة أو صفحة من القصة ودعه يقرأ جملة أخرى وهكذا .

صعوبة القراءة :
     إذا كان طفلك يعاني من صعوبة في القراءة ، فأنه لا يرغب أو لا يشعر بالمتعة أثناء القراءة ، حاول أن تتعرف على نقاط الضعف لديه ، في البداية استمع إلى قراءته وحاول أن تساعده ومن خلال كشف نقاط الضعف لديه عالج هذا الضعف ، أو استعن بمدرسه أو طبق برنامجاً خاصاً لتعلم وعلاج ضعف القراءة ، فقد تعرض بعض المدارس برامج لعلاج ضعف القراءة حاول أن تتعرف عليها واجعل ابنك يسجل في هذه البرامج وتابع الأمر مع مدير المدرسة .
     عندما تتحسن قدرة الطفل على القراءة فأن ذلك مؤشر إيجابي على تنمية ورغبته نحو القراءة ، ولا تظهر القلق أو الإحباط عندما ترى صعوبة فهم طفلك أو صعوبة تعلمه كمالا تتوقع منه ، لذا عليك أن تعرف مستوى فهمه وسرعته لكي تعرف أن ذلك أمر طبيعي ، وابحث عن الكتب التي يحبها طفلك لتسهل له أمر القراءة .

إجادة القراءة :
إذا لم يطلب منك طفلك المساعدة في القراءة فهذا شيء جيد ، وشجعه على الذهاب إلى مكتبة المدرسة أو المكتبة العامة وإصدار بطاقة الاستعارة أو الإعارة ، ليستعير بعض الكتب التي يحبها ، واستعارة الكتب والمجلات التي تخدم المنهج المدرسي ، وعوده على قضاء بعض الوقت في المكتبة أو في المنزل من أجل التمتع بالقراءة ،  بدلاً من اللعب ألعاب الفيديو .

متى يتعلم طفلك ؟
     بعد تعلم الطفل أصوات الحروف يبدأ بتعلم وقراءة بعض الكلمات التي لها علاقة بحياته ويفرح لسماعها ، صحيح ليس هناك سن معينة لتعليم الطفل القراءة ، لكن على الوالدين تشجيعه عندما ينطق ويردد كلمات مألوفة ومحببة لديه ، و في الغالب طفل مرحلة رياض الأطفال له قابلية على تعلم القراءة ، وهناك من الأطفال لايقرأون قراءة صحيحة إلا في السن الثامنة خاصة الذكور منهم ، لذا لا يجب توبيخه أو الضغط عليه ، بل يحتاج إلى رعاية خاصة ومساعدة انفرادية خاصة مع بداية الصف الثالث الابتدائي .

أساليب ترغيب القراءة للطفل:

     1- القدوة القارئة: إذا كان البيت عامراً بمكتبة ولو صغيرة، تضم الكتب والمجلات المشوقة، وكان أفراد الأسرة ولا سيما الأب من القارئين والمحبين للقراءة، فإن الطفل سوف يحب القراءة والكتاب ويحاول أن يمسك بالكتاب وتبدأ علاقته معه.

     2- تشجيع الطفل على تكوين مكتبة صغيرة له: تضم الكتب الملونة، والقصص الجذابة، والمجلات المشوقة، ولا تنس اصطحابه للمكتبات التجارية، والشراء من كتبها ومجلاتها، وترك الاختيار للطفل ، وعدم إجباره على شراء مجلات أو كتب معينة .

     3- التدرج مع الطفل في القراءة : لكي نغرس حب القراءة فـي الطفل .

     4- مراعاة رغبات الطفل القرائية:  الطفل يحب قصص الحيوانات وشخصيات كرتونية وأساطيرها، ثم بعد فترة، يحب قصص الخيال والمغامرات والبطولات وهكذا. فعليك أن تساهم فـي تلبية رغبات الطفل، وحاجاته القرائية .

     5- المكان الجيد للقراءة فـي البيت : خصص مكاناً جيداً ومشجعاً للقراءة تتوفر فيه الإنارة المناسبة والراحة الكاملة للطفل .

     6- خصص للطفل وقتاً تقرأ له فيه : عند ما يخصص المربى وقتاً يقرأ فيه للطفل القصص المشوقة، والجذابة حتى ولو كان الطفل يعرف القراءة، فإنه بذلك يمارس أفضل الأساليب لغرس حب القراءة فـي نفس طفله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق