السبت، 28 سبتمبر 2013

التعليم الأهلي في الكويت




التعليم الأهلي في الكويت
بقلم الباحث عباس سبتي
الكويت 2006

     ارتبطت حركة التعليم في دولة الكويت بسواعد أبنائها ، وليس الأمر بمستغرب ذلك أن الكويت كأي بلد عربي وإسلامي ، التعليم فيها يقوم به أهل الخير والإحسان ، ومثلما كان نظام الكتاتيب في البلدان الإسلامية ، شهدت الكويت منذ فجر إنشائها كإمارة هذا النظام التعليمي ، وشعر "  الملا " أو " المطوع " أن عليه أن يعلم أبناء الحي ما يعلمه من العلوم الشرعية وبعض مبادئ الحساب ، وقد شجع أهل الحي هذا المعلم من خلال مساعدته بما يحتاج في عمله ، فلولا أهل الحي لما استطاع " الملا " أن يستمر في عمله في وقت كانت الحياة قاسية ولقمة العيش تكاد تكون معدمة إلا بالسعي والمثابرة في بيئة فقيرة مثل بيئة الكويت الصحراوية  ، إلى جانب أن بعض الأهالي كان يوفر الفرش للكتاتيب لجلوس الأبناء أثناء تعليمهم .
     وبعد تطور العلاقة التجارية بين الكويت والدول المجاورة ( العراق ، فارس ، دول الخليج ، شرق إفريقيا والهند )   شعر أهل الفضل والتجار من أهل الكويت أن نظام .
     " الكتاب " لا يلبي طموحاتهم  بعد الازدهار التجاري ، اجتمع بعض الفضلاء والتجار وتشاوروا بإنشاء مدرسة نظامية  ، ومنهم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي الذي عرض اقتراح أهل الخير والفضل على الشيخ مبارك الصباح ، فشجعهم وأوصى بجمع التبرعات وذلك في عام 1911 م ، فأنشئت مدرسة المباركية عام 1912 م وكان التعليم فيها نظامياً ويهدف إلى تخريج أناس يديرون الشئون التجارية وغيرها في دولة الكويت الفتية ، وتتكون المناهج من العلوم الشرعية ومبادئ الحساب والمحاسبة .
     في عام 1921م وبعد تطور علاقات الكويت مع العالم الخارجي والحاجة إلى متعلمين يجيدون اللغة الإنجليزية فقد اقترح بعض أهل الفضل على إدخال مادة اللغة الإنجليزية في ضمن المواد التي تدرس في مدرسة المباركية ، فجاءت فكرة إنشاء مدرسة أخرى ألا وهي مدرسة الأحمدية عام 1921م ، و تبرع أهالي الكويت وبالذات التجار والميسورين بالأموال  وبقطعة أرض لبناء هذه المدرسة .
     وقام أحد فضلاء أهل الكويت بتأسيس مدرسة السعادة وهو شملان بن علي السيف في سنة 1924م من أجل فتح فرصة التعليم لليتامى وأبناء الفقراء من أهل الكويت ، أسوة بأخوتهم الذي يتعلمون في الكتاتيب أو في المدارس النظامية ، وقد تكفل بتوفير كل المستلزمات التي تحتاجها العملية التعليمية .
     ونتيجة العدوان العراقي الغاشم على الكويت وإهدار ثروة البلاد ، وتأثر مناحي الحياة الصحية والتعليمية والاجتماعية ، فقد شعر بعض الشخصيات التربوية والاجتماعية والمالية بأهمية دعم حركة التعليم وتطويره والإحساس أن التعليم مسئولية مشتركة بين الدولة والأفراد ، لخلق الإنسان الكويتي يساهم في تنمية بلاده  ورقيها ،  وحيث أن وزارة التربية تعاني من العجز في ميزانيتها للصرف على متطلبات التعليم الحديث ، فأن مساعدة المؤسسات الأهلية والأفراد لدعم التعليم أمر ضروري ووطني ،  فانبثقت فكرة لجنة تتكون من أهل الكويت الخيرين والمحسنين لدعم التعليم والإسهام في تطوره ، وأيدت الحكومة هذه الفكرة وشجعتها ، فشكلت " اللجنة الوطنية لدعم التعليم " بقرار وزاري عام 1995م ، وقامت هذه اللجنة تنفيذ عدة مشاريع لدعم التعليم منها : الحاسب الآلي للمرحلة المتوسطة ، تجهيز وتأثيث مكتبات مدرسية ، إنشاء مختبر لمادة الاجتماعيات ، صيانة مختبرات بعض المدارس المتوسطة  ، تصميم الدروس التعليمية على أقراص صلبة ، دعم تجربة الحقائب التعليمية لمادة العلوم ، وتصميم عدة رياض للأطفال .
     إيماناً باستمرار الدعم المادي والمعنوي للجنة الوطنية لدعم التعليم وبأهمية  الوقف في الإسلام ، فقد اقترح بعض أعضاء لجنة دعم التعليم " وقفية دعم التعليم " لتنويع مصادر التمويل للمؤسسة التعليمية ، وأوقف بعض أعضاء اللجنة المذكورة بعض الأموال وذلك في سنة 2000م ، على أن يبينوا لأهل الإحسان من أهالي الكويت دور " الوقفية " في تطوير التعليم .
     وإن الدور الذي تلعبه اللجنة الوطنية لدعم التعليم دور يستحق منا جميعاً مؤازرته ودعمه ، ذلك أن نجاح اللجنة في أداء دورها فخر لنا ، ومضيء لدرب مستقبل أبنائنا وهم قادة المستقبل لبلادنا .
     وأخيراً الأمل كبير بأن تقوم لجنة الدعم بتبني مشاريع تتعلق بالإنسان وتطوره وليس فقط توفير الأجهزة والمعدات وترميم المباني وتأثيث المدارس لذا اقترح بعض هذه المشاريع  على أن تلقي الدعم المطلوب من أجل أبنائنا ، وتتمثل هذه المشاريع :
     1- مشروع  الكشف عن المبدعين ورعايتهم وتخصيص مدارس خاصة بهم .
     2- مشروع  تفعيل دور المعلم ليبدع في مادته ويقيم نفسه بنفسه بدلاً من التوجيه الفني الذي يملي على المعلم كل شيء ، مما أصبح المعلم مقيداً وغير مبدع .
     3- مشروع  تنمية التعلم الذاتي لدى الطلاب ، أي أن يتعلم الطالب كيف يتعلم ، ليس فقط يتعلم ويمتحن بما جاء في الكتاب المدرسي الذي يسلب التفكير عن الطالب ، بل ويعيق حركة ذهنه وتفكيره ، لذا المشروع يجعل الطالب يتعلم في البيت والشارع والمدرسة والحي والمجتمع ، وليس بما حفظ من معلومات جامدة من الكتاب المدرسي .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق