الاثنين، 1 ديسمبر 2014

ردود أفعال الأطفال العاطفية





ردود  أفعال الأطفال العاطفية
بقلم الباحث/ عباس سبتي

     في عصرنا اليوم يبدو أن الآباء يعطون كل فرصة للأولاد من أجل تحقيق النجاح بالمدرسة أو الفوز بالرياضة أو أداء أي نشاط مفيد ، لكن عندما يأتي الأمر بأجهزة التكنولوجيا فأن الآباء يتركون الأبناء لوحدهم مع هذه الأجهزة ، والنتيجة ؟ افتقارهم إلى المهارات العاطفية  نتيجة تركيز الآباء فقط على بقية المهارات بدرجة وأخرى ، قد يخاف ويفزع الأبناء من تحقيق ما طلب منهم بسبب الإمكانات المحتملة التي أعطيت لهم قد تكون صعبة التحقيق في نظرهم .

     قدرة الطفل لتكون له ردة فعل عاطفية إيجابية تبدأ مع أساس راسخ بشعوره بالأمن والمحبة والكفاءة  وبعبارة أخرى احترام الذات ، إذ تأتي ردة الفعل هذه من أداء النشاط الذي يقوم به ، لذا يساق الطفل إلى النجاح من قبل العاطفة ، الدافع والتصميم الذي ينبع من داخله ، و تنمى ردة فعل الطفل عندما تعطى له أدوات يستفيد منها في مواجهة العقبات من أجل تحقيق أهدافه .

قيمة النجاح والفشل :
     هناك العديد من المفاهيم الخاطئة حول النجاح والفشل التي تتداخل مع محاولات الأطفال كي يصبحوا أكثر نجاحاً ، وأحد الأكثر ضرراً لهم أن النجاح هو دائماً نجاح لا فشل فيه والعكس  أن الفشل دائما فشل  لا نجاح فيه ، بينما الواقع  أن النجاحات كثيراً ما تؤدي إلى الفشل ، مثال على ذلك الناس الذين شعروا بالفشل مرات عديدة عند الإقلاع عن التدخين ، لذا النجاح قد يؤدي إلى الفشل في أحيان كثيرة والتعلم من هذا الفشل والبدء في تعلم طلب النجاح هو مهم ، أن الإخفاقات الكثيرة والدروس المستفادة تسمح للسير إلى طريق النجاح أو التعلم من الفشل يؤدي إلى النجاح أيضا .

     الفشل يمنح الأطفال المعلومات كي يطلبوا طريق التقدم ،  والفشل هو أفضل وسيلة ليرى الأطفال بوضوح جوانب الضعف التي تحتاج إلى تعزيز وتحسين ، والفشل ينبه الأطفال إلى عدم تكرار  الأساليب التي  أدت إلى الفشل ، ويتعلم الأطفال من الفشل المثابرة والقدرة على التغلب على الصعاب ، وأن يفهم الأطفال الفرق بين الفشل في أداء المهمة والفشل الذي يصيب الفرد من الداخل .

     الشعور بالفشل وحده لا يكفي في تحقيق النجاح ، والكثير من الفشل يؤدي إلى الشعور بالإحباط وفقدان الثقة بالنفس والدافع ، ويتطلب تحقيق النجاح إلى تنمية الرعاية الصحية والأخلاقية  وتعلم طرق النجاح بالمدرسة وفي مجال الرياضة وفي خارج المدرسة .

     النجاح يعطي الثقة بالنفس للأطفال من أجل التغلب على الصعاب والنكسات في طريق الإنجاز ، والتحقق من صحة التفاني والصبر والمثابرة للوصول إلى الأهداف المنشودة ، والنجاح يدفع بالأطفال إلى بلوغ أعلى درجات الإنجاز ، والنجاح يولد المشاعر الإيجابية مثل الإثارة والمتعة والفخر مما يعني مواصلة الثقة بالنفس في إنجاز أهداف المجالات الأخرى التي يدخلها الأطفال .

     من هذا المنظور فأن النجاح ليس مثل شراب مسكر يمنع المزيد من النمو ، وليس الفشل مثل الخسارة الكبيرة التي تقلل الرغبة في مواصلة طلب النجاح ، لكن كلا من النجاح والفشل حتمي وضروري في سلوك الطريق المؤدي إلى الفوز وتحقيق الذات وأداء النشاط .

المخاطرة والمجازفة :
     كلنا نعلم أن طلب تحقيق الأهداف يتطلب من الأطفال تحمل المتاعب من أجل الوصول إلى المكاسب وتحمل الصعاب جزء من ردة الفعل العاطفي  الإيجابي لأداء أنشطتهم ، وإذا كان الأطفال لم يواجهوا الفشل فان تحمل الصعاب ليس سهلاً بالنسبة لهم أيضا خاصة إذا طلبوا أداء المهام المطلوبة منهم كما  أن المخاطر تؤدي إلى المزيد من النجاح  من خلال ضرب أمثلة من النجوم والأبطال والقدوة الحسنة الذين نجحوا في مناحي الحياة .  

     كما أشار  "   في أحد كتبه الأكثر مبيعاً : " أن تجرب خطر الفشل ،  لكن يجب تحمل المخاطر لأن أكبر خطر في الحياة لدى الناس عدم وجود مخاطرة ، وإذا لا يخاطر الإنسان بلا شيء  يعني لا يفعل شيئاً ولا يملك شيئاً فهو لا شيء ، فهو قد يتجنب المعاناة والحزن لكنه لا يتعلم ولا يشعر بتغير ونمو حب وحياة ، إذن الشخص الذي يخاطر هو إنسان حر " .

منظور الأخطاء لدى الأولاد :
     كيف يفهم الأولاد معنى الأخطاء التي لها تأثير على قدرتهم على التطوير والإنجاز ، وكما قال الشاعر " Nikki Giovanni" : الأخطاء هي حقيقة من حقائق الحياة ، للأسف الآباء يستلمون رسالة مختلفة ماذا يحدث له نقل الأب إلى الأولاد نفس الأخطاء السيئة على تؤثر عليهم سلبياً ؟ فأنهم بلا شك يقعون في نفس الأخطاء بل ويخافون من الأخطاء الصغيرة وهذا الشعور يولد فيهم خيبة الأمل ، وإذا أراد الأب أن لا يخطأ الأولاد عليه أن يعطيهم رسالة قاسية عن الحياة كي لا تروق لهم الحياة .

     لدى كل من الآباء والأولاد نظرة سلبية بشأن الأخطاء على الرغم من أنهم يرون الناس أكثر نجاحاً في الحياة قد يخطئون بشكل طبيعي ، لذا لا بد من التواصل مع الأولاد وفهمهم أن الأخطاء شيء طبيعي في الحياة وضروري ، يجب عليهم أن يقبلوا ويتعلموا من أخطائهم ، فالأخطاء تقودهم إلى العمل والحركة من أجل التطوير ، وبدون الأخطاء تصبح عملية التطوير عملية عشوائية وغير موجهة ، وتعلمهم الأخطاء أن يتحملوا المخاطر ويخرجوا من منطقة الراحة ، لذا إذا لم يخطأ الأولاد فأنهم لا يلومون أنفسهم بشدة وبما فيها الكفاية ولا يتطوروا ولا يصبحون ناجحين حقاً في الحياة .

الاستجابة الإيجابية للمحنة :
     طريق الحياة طريق وعر مليء بالحواجز والنكسات والصراعات ، توجد محنة خارجية للأولاد مثل طلبات المعلمين وحل الواجبات المدرسية والتنافس مع زملائهم بالمدرسة ، وهناك أيضا عقبات داخلية توجه الأولاد مثل فقدان الدافعية وانخفاض الثقة بالنفس والانحرافات والمشاعر السلبية ونفاذ الصبر والرغبة في الاستسلام ، كيف يستجيب الأولاد لهذه المطالب والتحديات التي تملي عليهم ليكتسبوا النجاح في نهاية المطاف ؟  

     كيف يتعلم الأولاد من الأزمات والشدائد ؟ يعتمد ذلك على كيف يتعلم الوالدان من هذه الأزمات وكيف يعلمون أولادهم في مواجهة الشدائد في الحياة ، وأن يعرفا ردود أفعالهما منها في الأوقات الحرجة مثل قلة الأموال للصرف على الأمور المعاشية أو فقدان الوظيفة ، فإذا أظهر الوالدان مظاهر الإحباط والغضب أو اليأس من مواجهة الشدة فان هذا السلوك سينتقل إلى الأولاد ، وأما إذا بقيا هادئان وصابران فأن الأولاد يتعلمون منهما معاني الصبر والسلوان .

هذه  بعض النصائح في هذا المجال:
     وضع الأولاد في موقف الشدة والمحنة وأن الانتكاسة ليست نهاية العالم .
     عدم التسرع في عملية الإنقاذ ، دع الأولاد يحلون مشكلاتهم بأنفسهم .
     التعامل بإيجابية مع المحنة مع تذكر الأشياء الجميلة والحلوة في الحياة .
     اقتراح خطوة وخطوة لعملية النجاح ، وذلك أن يضع الأولاد أهدافهم وحلولهم للخروج من الأزمة بالاستعانة بحالة الشدة  .
     الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبها الوالدان في الصغر لمشاركة الأولاد في محنتهم كي يتغلبوا على الصعاب والمشكلات .


المصدر :
Children’s Emotional Reactions To Achievement
February 13, 2012 Dr. Jim Taylor



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق