السبت، 14 سبتمبر 2013

رعاية الوالدين وتنمية تفكير طفل الحضانة والروضة _ ج1




رعاية الوالدين وتنمية تفكير طفل الحضانة والروضة
الباحث التربوي / عباس سبتي
نوفمبر 2012

مقدمة :
     تحتاج فترة الطفولة إلى اهتمام أكثر من قبل الأسرة ومؤسسات الرعاية والتربية وتوفير جميع الوسائل التي تؤدي إلى نمو الطفل الجسمي والحركي والنفسي والعقلي والاجتماعي ،  إلى جانب توفير الأمن والراحة والحنان و توفير الغذاء الجيد و التعليم وتنمية الفكر وتنمية التواصل الاجتماعي ، مؤسسات الرعاية والتربية أو ما يسمى مؤسسات قبل المدرسة هي : دار الحضانة والروضة ، وهذا الاهتمام والرعاية لهذه المؤسسات لا تكفي ولا تسد محل اهتمام الأسرة خاصة الاهتمام بمراحل نمو الطفل المختلفة وبالذات الجانب العقلي والفكري ، وقد أشارت الدراسات على أن نسبة الموهوبين من الأطفال تبلغ 90%  من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين الولادة والسنة الخامسة ولكن هذه النسبة تصل إلى 10% عندما يبلغ الطفل السنة السابعة وتصل 2% عندما يبلغ الطفل السنة الثامنة ما لم تنمى صفة الموهبة لدى الأطفال .
     بدايات التفكير الإبداعي ومقوماته لدى الطفل تتمثل في تلك الخصائص التي تميز  مرحلة الطفولة المبكرة مثل اهتمامه بتبادل الأشياء والتعامل معها والتعرف عليها ، واهتمامه بالاستكشاف والاستطلاع ، واهتمامه بالتجريب والتعرف على مكونات أو عناصر الشيء ولو بكسر الشيء أو إتلافه ، بجانب القدرة التخيلية التي يتميز بها الطفل ، والتي تظهر في مواقف وأنشطة لعبة الإيهامي ، وكثرة الأسئلة التي يحاول أن يحصل منها على إشباع حب الاستطلاع وحاجاته إلى البحث والاستقصاء ، بحوث تعليم الأطفال أكدت على أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا ‏بما يفكرون فيه وما يشعرون به من خلال لعبهم واستعمالهم للدمى والمكعبات ‏والألوان والصلصال ، مع حلول القرن الحادي والعشرين ظهرت أهداف جديدة للتربية  تنمية التفكير الإبداعي من خلال حل المشكلات بطريقة غير متوقعة .
     يعتمد الوالدان على تعليم ابنهما على مراكز ومؤسسات الحضانة قبل سن الرابعة ، وعلى مؤسسات رياض الأطفال ما بين الرابعة والسادسة ، وعندما يأتي الطفل إلى البيت لا يمارس أو يتابع ما تعلمه في هذه المؤسسات  لأنه ليس هناك واجبات منزلية ولا متابعة منزلية له خاصة وانشغال الوالدين بالوظيفة وبشئون البيت وغيرها ، وليس من واجبات الوالدين تعليم طفلهما لأن ذلك من اختصاص المؤسسات التعليمية ، مع ذلك هناك من أولياء أمور الأطفال من يشتري الألعاب الكثيرة أكثرها لا تعلم الطفل كيف يفكر وكيف يتعلم بنفسه ، وأكثرها إما دون مستواه العقلي أو فوق مستواه العقلي وبالتالي هذه الألعاب عديمة الجدوى ويتلفها الطفل بسرعة ، ومن أولياء الأمور من يترك الطفل بين يدي الخدم والمربيات ، تحل الخادمة محل الأم في التربية وتوفير الحنان والرعاية قبل ذهاب الطفل إلى الحضانة أو الروضة وبعدها .

مشكلة الدراسة :
     انشغال الوالدين خارج المنزل برز لهما مشكلة رعاية واعتناء بالطفل في المنزل ولكي تحل هذه المشكلة الحاقا الطفل بدور الحضانة التي ظهرت في كثير من دول العالم نتيجة عمل الأم خارج المنزل ، لكن بعض الوالدين وكثير من التربويين يرون أن  دور الحضانة لا تحل محل الأم والأب برعاية الطفل وتنمية تفكيره ، وقد توجد خطة متابعة الطفل في المنزل بعد انصرافه من دار الحضانة إلا أن انشغال الوالدين بشئونهما الخاصة لا يتابعان الطفل ما تعلمه بالحضانة .
     ويشتكي كثير من أولياء أمور الأطفال أن طفلهم لم يتعلم شيئاً مفيداً في الروضة سوى الرقص والغناء حتى أن بعض أولياء الأمور من يلحق ابنه بمؤسسة رياض أطفال أهلية وخاصة كي يتعلم الطفل اللغة الانجليزية والتعامل مع الحاسوب والرياضيات وكيفية التفكير ووو .
     في تقرير البنك الدولي نشر في إحدى الصحف المحلية في 30/8/2006 م بخصوص أوضاع التعليم بالكويت ، أن أضعف مراحل التعليم في الكويت هي المرحلة الابتدائية بسبب ضعف كفاءة المعلمين ، وهذا الضعف يستمر بعد انتقال الطلبة إلى المرحلة المتوسطة ، صحيح أن التقرير لم يتعرض إلى ضعف مستوى أطفال الرياض إلا أن ضعف مستوى الطلبة بالابتدائية من أسبابه تدني مستوى الأطفال المنقولين من مرحلة الرياض إلى المرحلة الابتدائية ( سبتي ، مجلة المعلم الكويتية العدد 1458 ) ولعل هذا الضعف جاء من سلبية التعاون والتفاعل بين الروضة والبيت وعدم  متابعة الوالدين طفلهما بعد عودته من دار الحضانة أو الروضة .

الهدف من هذه الدراسة :
     تؤكد هذه الدراسة على التركيز على الجانب المعرفي والعقلي للطفل مع الإشارات المختصرة بالجوانب الأخرى لبناء شخصية الطفل : الجسمية والنفسية والاجتماعية ، ولو أن هناك ترابطاً وثيقاً بين هذه الجوانب بعضها ببعض .

ومن أهم أهداف الدراسة :
     - بيان دور الوالدين في تنمية التفكير لدى الطفل .
     - بيان بعض المعوقات التي لا تشجع الطفل على التفكير في الحضانة والروضة .

المفاهيم :
مرحلة الطفولة المبكرة
     تشير إلى الأطفال من عمر الميلاد وحتى عمر ثماني سنوات.

دار الحضانة :
     هي مؤسسة تعليمية رعوية تستقبل الأطفال من الشهر الأول من أعمارهم وإلى السن الثالثة والنصف ، وتتبع منهج رعوي وتعليمي شبيه بمنهج رياض الأطفال .

رياض الأطفال :
     يعرف قاموس التربية روضة الأطفال بأنها "مؤسسة تربوية خصصت لتربية الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 3، 6 سنوات، وتتميز بأنشطة متعددة تهدف إلى إكساب الأطفال القيم التربوية والاجتماعية وإتاحة الفرصة للتعبير عن الذات، والتدريب على كيفية العمل والحياة معا"ً
     وفي مفهوم آخر ، الرياض هي مؤسسات تربوية تنموية لها دور هام في تنشئة الطفل وإكسابه فن الحياة باعتبار أن دور هذه المؤسسات هو امتداد لدور ألأسرة فالروضة توفر للطفل الرعاية لكل صورها وتحقق مطالب نموه وتشبع حاجاته وتتيح له فرص اللعب المتنوعة ليكتشف ذاته ويعرف قدراته ويعمل على تنميتها ويتشرب ثقافة مجتمعه، فيعيش سعيداً متوافقا مع ذاته ومجتمعه  .

اللعب التربوي :
     هو نشاط موجه يقوم به الأطفال لتنمية سلوكهم وقدراتهم العقلية والجسمية والوجدانية ، ويحقق في نفس الوقت المتعة والتسلية لهم .

الرسوم المتحركة :
     وهي عبارة عن أفلام كرتونية تمثل شخصيات إنسانية وحيوانية ونباتية وجمادية وأشياء أخرى تثير انتباه الطفل وتفكيره .

أنشطة مساعدة على إثارة تفكير الطفل :
     وهي أنشطة أو ممارسات أو مهارات يقوم بها الطفل من أجل  إثارة تفكيره مثل : الملاحظة والتنبؤ والتجريب وإيجاد العلاقات بين الأشياء والتصنيف والتواصل .

أدوات الدراسة :
     تم جمع المعلومات عن الحضانة والروضة من خلال أدوات وهي :
-  بطاقة مقابلة مع أحد التربويين الذي كان يشرف على إدارة إحدى دور الحضانة وتشتمل الأداة على أسئلة تتعلق بشروط ترخيص دار الحضانة وإدارة الحضانة وهيئة التعليم والمنهج والأنشطة والمبنى .
-  المواقع الاكترونية التي تهتم بدور الحضانة والرياض من حيث المناهج والأنشطة التعليمية التي تساعد على تنمية تفكير الطفل .

مجتمع الدراسة :
     ويتكون من أطفال دور الحضانة ورياض الأطفال .

خصائص ومراحل نمو الطفل :
     سيكون الحديث عن الطفل منذ الميلاد وإلى السنة السادسة بداية دخوله المدرسة .
     يبدأ نمو جسم الطفل ويزداد وزنه كلما كبر كذلك يصاحب النمو الجسمي النمو الحركي ، والحركة تساعد على توازن الجسم ونمو العضلات ، ومن مظاهر النمو الحركي الجلوس والوقوف والحبو والمشي ، والحركة تساعد الطفل على مسك الأشياء ورميها وملاحظتها ، ويعد اللعب نقطة بدء في النمو المعرفي وهناك تداخل بين العمل العفوي واللعب في عقل الطفل بهذه المرحلة
وينمو الخيال مع الطفل بنمو حركات أعضاء جسمه وقد يستغل بعض التربويين الرسم والتلوين لتنمية خيال الطفل مع عدم استخدام كراسات الرسم والتلوين دائماً من أجل استخدام وتنمية خياله
توجد في الطفل آلات أو حواس تساعده على التعلم وملاحظة ما يدور في محيطه فالحواس الخمس تساعده على معرفة الأصوات وشم الروائح وتذوق الأطعمة  والتواصل مع غيره خلال اللمس وقد يمسك بالشيء طويلاً ثم يقربه من فمه ويمصه .
     وينمو الذكاء عند الطفل حتى السنة الثانية ويسمى بالذكاء الحسي والحركي وهذا الذكاء يجعل الطفل يتعامل مع الأشخاص والأشياء ويتعرف على النافع له والضار .
     وفي نهاية السنة الأولى يتعلم الطفل المشي وهذا يفتح له آفاق ما يحيطه من الأشياء والتعرف عليها .
     في دراسة هولندية حديثة نشرت جريدة الوطن الكويتية بعض نتائجها :  أن فترة عامين هى أفضل فاصل زمني بين الولادات لتنشئة أذكياء حيث تقول الدراسة أن الأطفال الكبار ممن تم إنجابهم قبل عامين من ولادة شقيق آخر أكثر ذكاء، ويسجلون درجات أعلى في اختبارات الرياضيات والقراءة عن أقرانهم ممن ولدوا في تباعد زمني أقل ، ويري بعض أن إطالة مدة الفاصل الزمني للإنجاب تتيح للآباء منح كامل الانتباه والاهتمام للطفل الأول وتنمية قدراته العقلية ( جريدة الوطن الكويتية  1/12/2011) .
     يتعلم الطفل النطق وسماع اللغة وتقليد الأصوات ويناغي الطفل نفسه ويبتسم كي يتصل بالآخرين خاصة بأمه وأبيه ويبدأ بالكلام بنطق كلمتي " ماما وبابا " وقد يصرخ كي ينبه غيره أو أنه يريد شيئاً ما ، و يقلد الكبار في تلفظ بكلمات وتزداد حصيلة الطفل اللغوية خاصة في السنة الخامسة خاصة إذا ما استمع إلى القصص .
     وتمثيل الطفل أحد أدوار القصة مع تنمية حاسة السمع أثناء قراءة المعلمة أو الأم لمقطع من قصة أو حكاية ، وتشجيع الطفل على تبادل الحديث والنقاش معه حول قضايا تهمه في الروضة وفي المنزل .
     مرحلة الطفولة المبكرة تعد مرحلة الاكتشاف والتجريب لدى الطفل حسب درجة ذكائه وتوفير الأدوات اللازمة لنمو الجانب العقلي لديه ، وخاصة من خلال ممارسة اللعب التمثيلي بأن يقلد الطفل دور الأب  والكبير والطفلة دور الأم .
     يمتاز طفل هذه المرحلة بالتمركز حول الذات ونمو الأنا أو ما يسمى " الأنانية " أي يحب كل شيء لنفسه ، وقد يتنازل عما يريده أثناء اللعب من أجل السرور مع زملائه ، يعتقد أن كل شيء فيه حياة وله حركة حتى اللعبة أو الجماد ولكن الطفل لديه مفاهيم ثابتة لا تتغير عن : العدد والحجم والوزن  قبل السنة الثانية لكنه يتعرف على العدد والحجم والألوان بين السن 2و3  ، ويطابق بين صور الأشياء بين السن 4 و5 ، ولديه قدرة التصنيف على اللون والشكل ويتعرف على أجزاء الجسم والأشكال الهندسية والتعرف على الحيوانات وأنواع الفواكه .
     ويدرك الطفل عمر الخامسة والسادسة  مفهوم الزمن الصباح والليل إذا ارتبط ذلك بنشاطه ووصف الجو وكتابة بعض الحروف والعلاقة المكانية مثل الأسفل والأعلى والخلف والأمام .
     تنمية مهارات تفكير الطفل من خلال تشجيعه بالتعبير عما يفكر به دون خوف والإنصات إليه كي يشعر أنه محط اهتمام الكبير خاصة إذا سجلت المعلمة أفكاره على الورقة ، وطرح أسئلة تبدأ ب " كيف : و " لماذا " حتى نحصل على الإجابة منه ، وترغيبه بالاستماع إلى زميله والإجابة عن أسئلته ، وإعطاء وقت كاف كي يجيب الطفل وليس مهم صحة الإجابة بقدر ما نساعد الطفل على كيفية التفكير معرفة  التمييز  بين طفل وآخر في التعبير وغير ذلك .
     انفعالات الطفل تتأثر بالتعامل الاجتماعي وتكوين علاقاته الاجتماعية وقد تكون لديه جوانب إيجابية مثل الحب والتعاون أو جوانب سلبية مثل الكره والغضب ، وقد تلعب البيئة المنزلية أو الروضة وغيرهما في تنمية الانفعالات النفسية للطفل ، ولو أن الطفل في هذه المرحلة يمتاز بالعنف والتقلب ولكن تزول هذه الحالات السلبية بسرعة  حسب الظروف والحالات التي يمر بها .
     يحتاج طفل هذه المرحلة إلى بعض الحاجات مثل الحاجة إلى الحب والشعور بالأمان والشعور بالانتماء أي وجود التقبل من الطفل لأسرته وأسرته له ، والحاجة إلى التقدير الاجتماعي ويكون محط تقدير واحترام الآخرين له فهو يحب الثناء والمديح ، والشعور بالتعبير عن الذات من خلال التعبير بالرسم واللعب وإعطائه الحرية والاعتماد على النفس وزيادة ثقته بنفسه وأخيراً الحاجة إلى اللعب هناك لعب المحاكاة خلال السنتين الأوليين واللعب التعاوني بعد السنة الخامسة ( كتاب علم نفس النمو ، مجموعة من المؤلفين ، ط2 ، الكويت  2001م ) .
     لابد أن يتعرف الوالدان على المشكلات النفسية التي تنتاب الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة المشكلات النفسية التي يعاني منها الطفل في هذه المرحلة كثيرة ويمكن حصرها : الخوف والغيرة والعصبية والقلق النفسي والانطوائية ومشاكل التغذية ونوبات الغضب والبكاء والشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس والاكتئاب النفسي والعيوب الكلامية والتبول اللاإرادي وبعض العادات السيئة مثل قضم الاظفار ونتف الشعر ومص الابهام وجرش الاسنان وهز الكتف ورمش العين ، وعلى الوالدين معرفة هذه المشكلات كي يعرفا كيف يربيا طفلهما تربية سليمة لأن معرفة هذه الأمراض النفسية وعلاجها يسهم ذلك في تنمية تفكير الطفل .
     منذ سنوات عديدة كانت مشكلة فهم الأطفال واستيعابهم مشكلة كبيرة تواجههم ،  وقد سبب ذلك أذى وقلق الآباء لهذه المشكلة ، وقد يعني ذلك وجود مشكلة أو تأخر عقلي لدى الطفل أو إعاقة نمو ذكائه ، لذا ظهر اهتمام أكثر عند الوالدين برعاية أطفالهم .
     اهتمام الآباء أكثر بالأطفال يعني أن الآباء يحلون المشكلات التي تواجه أطفالهم بدلاً من حلها من قبل أبنائهم ، إذ يجنبون تعرض أطفالهم لأي تحدي ومشكلة تصادفهم حتى لا ينزعجوا أو يقلقوا ، وهذا يحدث إذن عندما يصدر الآباء الأوامر لأطفالهم ليتجنبوا ما يكرهون .
     الاهتمام أكثر بالأطفال يعني تعطيل وظائف العقل وعدم قدرتهم حل مشكلاتهم بأنفسهم ، ولا يتغلبون على هذه المشكلات عندما يتعرضون لها ، ويحدث ذلك في أي جماعة عرقية  أو أية أسرة خاصة في الأسر قليلة الأفراد مثل لديها طفل واحد أو طفلان أو في حالة وفاة طفل أثر حادث ما شابه ذلك .
     الطفل المحمي من قبل والديه هو طفل مدلل وغير واثق من نفسه أو ثقته بنفسه قليلة ولا يقدم على المجازفة أو المخاطرة ويختفي خلف والديه عند تعرضه لأي صعوبة وتحدي .
     وتظهر هذه المشكلة عند الأطفال لا سيما طفل الروضة وطفل المرحلة الابتدائية عندما تواجهه تحديات متعددة ، وقد تظهر مشكلة الدلال والاهتمام الزائد بالطفل قبل هذه المرحلة ولكن تظهر بشكل بارز في هذه المرحلة .
     وقد تظهر هذه المشكلة في بعض الأماكن حيث يتطلب ذلك اهتمام الوالدين أكثر بأطفالهما حيث يحتاجون الانتباه أكثر بهم ويقلقون عليهم بسبب طبيعة مخاطر المكان ليوفروا لهم الأمان والراحة .
     في بعض الظروف خاصة عند انفصال الوالدين وتغير هذه الظروف تظهر مشكلة الدلال والاهتمام الزائد بالأطفال وهي شكل من أشكال شعور بالعجز لدى الطفل فيقلق الوالدان حتى يشعر الطفل بالراحة ، عندما يرى الطفل  الاهتمام أكثر به من قبل والديه يشعر بالسعادة وهو ما يفضل هذا الاهتمام الزائد .

كيف يتغلب الوالدان على مشكلة الدلال الزائد ؟
     من الصعوبة بمكان أن تحل هذه المشكلة بسهولة ذلك لحاجة الطفل الشديدة إلى الاهتمام والانتباه من قبل الوالدين وإذا اعتمد الطفل على والديه وهو ويفكر أنه لا يستطيع مواجهة أية صعوبة إلا بمساعدة والديه ، على الوالدين  في هذه الحالة أن يحلا هذه المشكلة .
     وقد يكون مرض أحد الوالدين من حلول لهذه المشكلة خاصة عندما يطول المرض فيشعر الطفل أن عليه الاعتماد على نفسه ، وهذا ما يلاحظ على الأطفال الذين واجهوا تحدياً وقلقاً عليهم التغلب على ذلك التحدي  أثناء مرض أحد والديه .
     ومن أسباب مقاومة مشكلة الدلال الزائد هو العمل على ترك هذه العادة قليلاً قليلاً ، من خلال إصرار الأطفال بالذهاب إلى الروضة أو المدرسة بحجة وجود أمان ولا خوف عليهم وبإرادتهم ، و أن يعتمدوا على أنفسهم بالاستيقاظ لوحدهم في الصباح .
     وأيضا إعطاء الطفل بعض الأفكار والمعلومات والأساليب للتغلب على مشكلاته بدلاً من الاجتناب والهرب من هذه التحديات والصعوبات  ومثال : إذا أراد الطفل الانسحاب من الفصل الدراسي بحجة عدم وجود أصدقاء له بعد ثلاثة أسابيع من وجوده في هذا الفصل ، فهو يحتاج أن يتعلم كيف  يكسب أصدقاء له فيعلمه الوالدان  ذلك ، أو أن ينصحه الوالدان كيف يهتم بدراسته حتى نهاية الفصل الدراسي دون أن يكون معه أصدقاؤه السابقين في الفصل .
     على الوالدين تقوية موقف الطفل ليصمد أمام التحديات ، لأن مشكلة الدلال تضعف إرادة الطفل أمام التحديات والمشكلات .
     من خلال التجارب فإن الأطفال الذين يعملون بجد في المدرسة وخارج المدرسة لهم أولياء أمور يعلمونهم كيف يعتمدون على أنفسهم في حل مشكلاتهم بدلاً من حماية أطفالهم من التحديات التي تعترضهم بدنياً وفكرياً واجتماعياً ويزرعون فيهم الثقة بالنفس .
     من الصعب بمكان وضع ميزان أو علاقة بين تنمية الاستقلالية لدى الطفل ومنحه مسئولية كبيرة حيث أن مرحلة الطفولة تحتاج إلى رعاية خاصة ودقيقة ، وهنا يظهر الفرق بين الآباء في التعامل مع هذه المشكلة مشكلة الدلال وكيفية التعامل معها وحلها .

فوائد حليب الأم :
     يود الآباء والأمهات أن يعرفوا كيف يساعدون أطفالهم على تنمية تفكيرهم في هذا العصر ، توجد عدة كتب وبحوث تتناول مساعدة الوالدين في تنمية تفكير أطفالهم وحصولهم على درجة ومستوى من الذكاء ، توجد (15) علاقة بين الرضاعة الطبيعية والذكاء ومنها ما يمكن قياسها ومنها لا يمكن .
     قام فريق بحثي خلال (21) سنة من جامعة كوينزلاند باستراليا بإجراء دراسة على (3880 ) من الأطفال فوجدوا أنهم قد حصلوا على درجات عالية في اختبار الذكاء ، وقال قائد فريق جيك Najman: "إن هناك فرقاً  بين كون الطفل متوسط الذكاء ، وكون الطفل نابه وموهوب إلى حد معقول وذكي جداً." الدراسة التي نشرت في مجلة " طب الأطفال وصحة الطفل " ومقرها الولايات المتحدة ، وهو جزء من الدراسة التي بدأت قبل ولادة الأطفال - خلال فترة الحمل في وقت مبكر من أمهاتهم في عام 1981.أشارت الدراسة أن  80% من الأمهات أجبن أنهن  يرضعن أطفالهن خلال الستة الشهور الأولى ، وفي السن الخامسة تفوق أطفالهن بالاختبار الشفهي حسب مقياس الذكاء المشهور ، وأضاف هذا الأستاذ ونتائج الدراسة تتفق مع متغيرات الدراسة مثل حالة الزواج والظروف الاقتصادية ومستوى التعليم والحالة العاطفية للأم .
     وأشارت  الدراسة إلى  زيادة محبة الأم للطفل خلال الرضاعة الطبيعية ويساعد على النمو المعرفي للطفل ، ووجود مادة دهنية أسيدية في حليب الأم يساعد على احتمال زيادة مستوى الذكاء للطفل ، وهذا الحليب يحتوي على مادة تقاوم البكتيريا في الجسم مما يعني أن الأطفال أقل عرضة للعدوى أو الإصابة بأي مرض خاصة الذين يرضعون من حليب الأم ويقاومون أمراض الطفولة .
     وقد جمع الباحثون البيانات عن هؤلاء الأطفال في السن (14) وأجروا عليهم اختبار الذكاء  لمعرفة مدى محافظتهم على مستوى الذكاء عند هذه السن ، واختبروهم أيضا في السن (21) ، وتبين ارتفاع مستواهم التعليمي ونجاحهم في الحياة العامة  مما يعني أثر الرضاعة الطبيعية عليهم عندما كانوا صغاراً .
     وأكد فريق الباحثين أن هذه الدراسة لا تحاول أن تجعل الأمهات اللاتي فشلن من إرضاع اطفالهن من حليبهن أنهن مقصرات في حق أبنائهن لكن هناك عوامل أخرى تلعب دوراً في ظهور قدرات ومواهب الأطفال ، فهناك أطفال لم يرضعوا من ثدي الأم إلا أنهم أذكياء وبالعكس هناك أطفال أرضعوا من حليب الأم إلا أن ذكاءهم عادي ، لذا الرضاعة الطبيعية عامل من العوامل الأخرى المهمة في تنمية ذكاء الطفل .
     حليب الأم ( الرضاعة  الطبيعية ) يحتوي على نسبة عالية من الدهون ، أمنيو أسيد ( الحامض الأميني ) وبعض المواد التي يحتاجها الطفل في تنمية التفكير والجهاز العصبي ، وهذه العناصر لها دور في تنمية ذكاء الطفل .
     مركب " التورين " وهو عديم اللون ومكون رئيس في الحامض الأميني يوجد بتركيز عال في حليب الأم وهو غير موجود في حليب البقر ، وهذا المركب له دور تقوية قشرة وخلايا المخ ، ولا يستطيع الطفل الحصول على هذا الحمض لوحده إلا من خلال غذائه الوحيد (  الحليب ) .
     والعنصر المهم الآخر لحليب الأم هو الدهون ، يحتوي حليبها من الدهون : DHA ,  و  ARA    وهذه الدهون مهمة في بناء خلايا مخ الطفل ، وأشارت الدراسات على أن حليب الأم يحتوي على نسب عالية من عناصر هذه الدهون والتي تدخل في خلايا مخ ودم الرضيع  ، بينما لا توجد هذه العناصر بهذه النسب في أنواع حليب الأطفال المصنوعة ، ولو أن هناك بعض أنواع حليب الأطفال المصنوع قد أدخل في تركيباتها الحامض الأميني ودهن  DHA  ، إلا أن ذلك لا يعاني أنه مثل حليب الأم الغني بهذه العناصر ، وقد توصل الباحثون في هذا المجال بوجود تفاعل هام بين هذه العناصر في حليب الأم ، فالكلوسترول كمادة دهنية وجدت بكمية كبيرة في حليب الأم ، وهذه المادة تساعد في بناء نسيج مخ الطفل وجهازه العصبي ويحتاج الأطفال في السنتين الأوليتين إلى الكلوسترول لكي يحيوا ، هناك علاقة بين الكلوسترول  في حليب الأم وبين عدم إصابة الصغير بمرض الكلوستورل عندما يكبر أي أن حليب الأم يوازن بين نسب مادة الكلوسترول في جسم الطفل .
     ومقارنة بين حليب الأم وحليب الأطفال الصناعي كما تشير الدراسات تبين أن الطفل الذي يتغذى بحليب أمه يتفوق في اختبارات الذكاء على بقية الأطفال الذين يتغذون الحليب الصناعي عندما كانوا صغاراً ، وأشارت إحدى الدراسات أن الطفل المغذي للحليب  المبستر من أمه  يحصل على درجات أعلى في  اختبار الذكاء عن الطفل الآخر الذي يتغذى على الحليب الصناعي فقط ، ولو أن الجمع بين حليب الأم والحليب الصناعي شيء جيد ، فأن الأطفال تتوسع مداركهم للأشياء خاصة في التحصيل الدراسي يعدون من المتفوقين .

مادة الهورمون للطفل والأم :
     حليب الأم يحتوي على مواد تساعد على نمو خلايا جسم ومخ الطفل  مما ساعد الطفل لاستقبال الحياة الجديدة بعد خروجه من الرحم  ، وعندما يواجه الطفل ضغطاً من الخارج فأن جسمه الصغير في صراع مع هذا الضغط وتتولد لديه طاقة تؤثر على المخ .
     أم الحيوان المرضعة تختلف عن الأم غير المرضعة ، فجسم الأم المرضعة يحتوي على مادة  " الهورمون " ومنها مادة " أوكسيتوسن Oxytocin   " أو ما يسمى هورمون العاطفة التي يفرزها جسم الأم بعد الحمل مباشرة ، وتساعد هذه المادة الأم للشعور بالراحة والارتباط بالطفل لرعايته ، وتولد نشاط وقوة للأم مما تساعدها منح رضيعها الحنان والعاطفة وينعكس على نمو  الجانب العاطفي والمعرفي للرضيع .

ما الفوائد غير الملموسة لحليب الأم على نمو تفكير وذكاء الرضيع ؟
     قوة الجسم وصحة المشاعر ( العاطفة ) :
     في السنوات الأخيرة  زاد الاهتمام على الذكاء العاطفي ، وكيف يساعد ذلك أم الرضيع على نمو هذا الذكاء في طفلها ؟
     هذه الفائدة غير ملموسة عبارة عن علاقة بين حياة الجنين في رحم أمه وخبراته وتجاربه بعد ولادته وتنمية فكره ، خاصة من خلال الرضاعة الطبيعية التي تساعد على ارتباط الطفل بأمه ارتباطاً قوياً ، وتجعل الطفل يتعلم كيف يحبو ويمشي تحت رعاية ونظر أمه ، ويتبع أمه أينما ذهبت وتشبعه الأم مزيداً من القبل والحنان والشم ومسح الرأس والابتسامة والدغدغة .
     يقول الدكتور " لي سالك  Lee Salk   " طبيب نفسي للأطفال : الطفل الذي يبكي ولا يستجاب له بسرعة تتولد لديه الثقة بالنفس ، ويظهر الاستقلالية وحب الاستطلاع ، ولكن استمرار الطفل بالبكاء دون عناية به تتولد لديه الانطوائية والعزلة وعدم الثقة بنفسه في المستقبل .
     الرضاعة الطبيعية تولد لدى الطفل السعادة ويشعر أن هناك من يساعده ويهتم به وهذا ما يجب أن نعلمه لطفلنا .
     وليس بالضرورة أن الرضاعة الطبيعية تولد في الطفل الذكاء ، ولكن تساعد الطفل على تنمية الذكاء العاطفي لديه  ( 2011،  Carrie Lauth ) .

نماذج رائدة من مؤسسات الحضانة ورياض الأطفال :
     على الوالدين التعرف على بعض تجارب لتربية وتنمية فكر الطفل في بعض مؤسسات ما قبل المدرسة مثل :
     مدارس ريجيو إيمليا :  اخترع  لويس مالجيوزي  Loris Malaguzzi   (1920-1994) منهج ريجيو اميليا في مدينة ريجيو اميليا التي تقع شمالي ايطاليا ، واقترح هذا المنهج من أجل رعاية الطفل وصياغة برامج التعليم التي تعنى بأطفال دون السن السادسة من العمر .
     يهدف هذا المنهج غرس النضج العقلي والخيال وحب الاستطلاع والرغبة في التواصل مع الآخرين وحسن التصرف في المواقف في نفوس الأطفال، وينظر هذا المنهج إلى الطفل باعتباره  متعلم ومؤهل فهو محور هذا المنهج ، لذا كل طفل له طريقة في التعلم ، لابد من ملاحظة الطفل كيف يتعلم بنفسه وليس من خلال ما رسمه وخطط له التربويون .
     وأهداف المنهج متسلسلة لا يتحقق هدف إلا بعد هدف قبله وهكذا ، والمعلمات تراعي ميول ورغبات الأطفال وإن أدى ذلك إلى أن تتخلى عن حصة القراءة أو الكتابة كي تلبي رغباتهم ، ولعل تحقيق رغباتهم تهيؤهم لتعليم القراءة والكتابة لاحقاً ، ويؤكد هذا المنهج أن تعليم الأطفال يتم من خلال التفاعل مع الآخرين وأولياء أمورهم والهيئة الإدارية في مرحلة رياض الأطفال ضمن بيئة اجتماعية تركز على الصداقة وتبادل المشاعر (      Andrew Loh  ، 2006   ) .

مدارس مونتسوري العالمية (  Montessori    )  :
     أنشئت هذه المدارس على يد " ماريا منتسوري ، Maria Montessori  إيطالية المولد  ( 1870-1952م) لمساعدة الآباء والمعلمين في تربية ورعاية الأطفال ما بين 3-6 سنوات ، ونصيحتها لهم دائماً اتبعوا الطفل ، وليس المقصود تربية الطفل السوي بل حتى الطفل المعاق وبطيء التعلم والطفل العبقري وغيرهم ، وأن الطفل يتعلم من خلال المتعة والمرح والعفوية ، مع تنمية أدوات التعلم لديه من الحواس الخمس من خلال مواقف تعليمية يمر بها .
     مناهج هذه المدارس عبارة عن ملاحظة نمو مراحل الطفل الطبيعية ، وتطبيق هذه المناهج ليس فقط في المدارس وإنما حتى في المنازل ، وتساعد هذه المناهج على خلق روح الإبداع لدى الطفل بتطبيق أسلوب حل المشكلات وتنمية التفكير الناقد ومهارة إدارة الوقت لإعداد الطفل بعد ذلك للتفاعل في المجتمع ليصبح عضواً فعالاً ، وتستقبل هذه المدارس الأطفال ما بين 3  إلى 6 سنوات ويتعلم الطفل من خلال الاختيار الفردي الحر  والعمل وعدم مقاطعته والتركيز على ملاحظة كل طفل من جميع النواحي مع حرية حركته في الفصل باستخدام الوسائل أو الأدوات كي يعمل ويتعلم لوحده أو مع مجموعة ، وليس هناك كتب مدرسية لكن يتعلم الطفل اللغة والرياضيات والعلوم والفنون ، والحاسوب والرحلات الثقافية والترفيهية ،  وتدرس المعلمة ( المعلم ) تلامذتها منذ دخولهم هذه المدارس وإلى أن ينهوا مرحلة الحضانة والروضة .

مدرسة ستاينر الألمانية  steiner school
     أول مدرسة افتتحت منها كانت في بداية التسعينات في ألمانيا على يد رودلف ستاينر على أساس قناعاته على ضرورة التعامل مع كل شخص كإنسان متفرد والتركيز على مكامن الإبداع فيه .
     نادى أن الأطفال يقضون معظم أوقاتهم في الخارج ليكونوا أقرب إلى الطبيعة والتعرف على ما فيها وربط الحقائق بصور محسوسة حقا لا مجرد كلمات في كتاب ،الملاحظة والتفاعل بشكل فعال مع البيئة الخارجية يجعل من التعليم جامع لمتعة وعلم في نفس الوقت .
     من سن 3 حتى 6 سنوات مرحلة الروضة تخضع للعب ، أعمال يدوية ، التعرف على البيئة الخارجية ، الطهي في الخارج وفي هذه المرحلة لا يتعلم الطلاب أي من القراءة ، الكتابة ولا عمليات الحساب ، إلا أن تعليم لغة اخرى غير لغتهم الأم يبتدئ من هذه المرحلة .

واقع النظام التربوي في دور الحضانة :
     كما مر أن دار الحضانة تستقبل الأطفال من شهر وإلى ثلاث سنوات ونصف السنة أو قريب السنة الرابعة وهي سنة دخول الطفل مرحلة الروضة ، لكن كيف تنظر الجهات الرسمية إلى دور الحضانة ؟ ليس هناك رقابة دقيقة من قبل الحكومة بالنسبة لأصحاب دور الحضانة الذين يشترط فيهم توفر المؤهل والخبرة والمنهج والمكان التعليمي و......... ، سوى الترخيص بفتح دار الحضانة ، وقد اجريت مقابلة مع مسئولة لدور الحضانة بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل وجاء فيها : وأهم ما يمنحنا إياه قانون دور الحضانة الخاصة هو تنظيم عملية تراخيص الحضانات وإيجاد نوع من الإجراءات التي تحد من المخالفات في دور الحضانة، وهذا القانون سيحوي بعض المواد الجزائية التي تطبق في حالة مخالفة الحضانة الخاصة أو إتخاذها أي إجراء غير مناسب في إطار العناية والاهتمام بالطفل ، ومن حيث المؤهل للأسف لا يشترط المؤهل الجامعي كما قالت المسئولة السابقة : هناك شروط يجب أن تتوافر في صاحب الحضانة، شهادته يجب ألا تقل عن الثانوية العامة، لابد أن يكون تربويا أو يحصل على شهادة قريبة من هذا الاختصاص، أي أن هذه الشروط المحددة تنظم العمل في دار الحضانة، من ناحية مأكل الطفل وقضائه يوما كاملا في الحضانة وكيف يتم التعامل معه .
     وهناك مسمى المفتشة التي تفتش على دور الحضانة قد تعين من حملة الثانوية العامة مع دورة تدريبية كما قالت المسئولة : وقد درّب برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة عدداً من الفتيات الحاصلات على الثانوية العامة، وأعطائهن دورات تدريبية للعمل في مجال تربية الطفل، وهؤلاء الفتيات أصبح لديهن خبرة عن الطفل وكيفية التعامل معه ( موقع بريق الدانة الاكتروني ) .
     مفتشة دار الحضانة قد تلاحظ بعض الأمور أو التجاوزات لكنها لا تستطيع أن تقيس أداء طفل الحضانة ومراحل نموه المختلفة أو تقيم أداء المعلمة أو المربية لأن المفتشة لم تتخصص بهذا المجال ، ولو ان عملية التقويم تتم تحت إشراف إدارة الحضانة ، إلا أنها عملية دقيقة وتحتاج إلى التخصص .
     فتح بعض إدارات الحضانة  فصول " تقوية الدروس " لطلبة المرحلة الابتدائية والمتوسطة مساء وفي فصل الصيف تفتح بعض دور الحضانة أندية صيفية للأطفال مختلف الأعمار ( 3-10) سنوات وهذا يعني إتلاف بعض أجهزة اللعب وغيرها لأطفال الحضانة  ،  حتى أن بعض دور الحضانة تلحق بها مرحلة الروضة خاصة في القطاع الأهلي أو الخاص في الدول العربية  ، ويختلف مواعيد الدوام في دور الحضانة فهناك دور تستقبل الأطفال من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثانية عشر ظهراً وقد يستمر إلى خروج وانتهاء ولي أمر أو  أم الطفل من عمله خاصة بدولة الكويت ، بينما هناك دور الحضانة تعمل لمدة 12 ساعة خلال اليوم ، أي من الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة السادسة مساء ( موقع منتديات الجبيل الاكتروني  2011) .
     وقد تدرس بعض دور الحضانة منهج مدارس المنتسوري مثل تعلم اللغتين العربية والإنجليزية أو الفرنسية  ( ثنائية اللغة ) والحاسوب والرياضة والرحلات ، وبالإضافة تعليم سلوكيات إسلامية صحيحة ، إلى جانب تدريس تلاوة وحفظ القرآن والتعليم باللعب  ، والمنهج المنتسوري يقوم على تفاعل الطفل مع البيئة الطبيعية ، لكن دور الحضانة في البلدان العربية لا توفر هذه البيئة ولا تصطحب المعلمة الأطفال خارج دار الحضانة إلا نادراً خوفا من تعرض سلامة الأطفال إلى مخاطر .
     وتعتمد دار الحضانة على البيئة وتنوعها في تنمية فكر الطفل وقد ركزت مدارس منتسوري وريجيو إميليا على البيئة الطبيعية الخارجية كي يتعلم الأطفال كل الأصوات والروائح والخامات والنكهات الطبيعية التي يكتشفها الطفل تعد وقوداً في تنمية تفكيره ومخه ويساعد هذا الوقود على انتاج الطاقة المطلوبة وتوجد العلاقة بين ملايين الخلايا  في المخ ، وهذا دور البيئة والخبرات التي اكتسبها الأطفال من البيئة ، علينا أن نتعرف البيئة في دار الحضانة والروضة والمدرسة وفي المنزل وخارج المنزل والتي يتفاعل معها الطفل ، واختيار غذاء الطفل مثل الوجبات السريعة ضمن مواصفات صحية ومفيدة للجسم .
     د. ماريا منتسوري الطبيبة والتربوية الإيطالية لاحظت التفاعل بين الطفل وبيئته أو أثر البيئة على تعلم ونمو الطفل ودونت ملاحظات ما يدور في بيئة الطفل ، وأن الطفل يتعلم خلال الست السنين من عمره وتسمي هذه المرحلة مرحلة العقل المشبع والماص مثل الاسفنج الذي يمتص السوائل ، فالطفل يمتص ويأخذ ما يدور من حوله ، ومعظم ملاحظات الدكتورة منتسوري عن أثر البيئة والطعام على  مخ الطفل قد اكدتها الدراسات الحديثة خلال المائة السنة الماضية .
     زود الطفل بالخامات والأشياء وإتاحة فرصة اللعب والنشاط له في البيئة مثل طبخ الطعام وسقي النبات المنزلي وترتيب فراش النوم وإطعام الطير  ، والمشاركة في الحياة من خلال إنجاز بعض الأعمال هذه بعض الأمثلة لنمو تفكير الطفل وهذه المشاركة تعزز ثقته بنفسه وتحقيق رغباته .
     للأسف الأطفال في البيئات العربية وخاصة الخليجية يعتمدون إعتماداً كلياً على الخدم في المنازل ، فمهما تعلم طفل الحضانة على الاعتماد على نفسه وعدم وجود متابعة وخطة من الوالدين فأن الطفل لا يتعلم أسلوب الاعتماد على نفسه ، بل قد ينظر الوالدان إلى بعض الأنشطة السابقة : سقي النبات وإطعام الطير وترتيب الفراش على أنها فوق طاقة طفل الحضانة .
     وقد تستعين دور الحضانة ببعض الشركات التي تروج ألعاباً للأطفال ويغلب عليها انها ألعاب غير تربوية بقدر ما هي ألعاب ترفيه وقد لا تناسب مرحلة نمو طفل الحضانة فقد جاء في أحد المواقع الاكترونية إعلان تجاري لإحدى الشركات التي تروج هذه الألعاب غير التعليمية وتسمى اللعبة : تحدي معدني ، مطلوب خروج القطعتين من دون استخدام القوة ، وتساعد على تنمية مهارات التفكير المنطقي وضبط النفس وحل المشكلات وإظهار روح المثابرة ( موقع الصفوة لتنمية المهارات الاكتروني ) .
     هذا ويتبين من اللعبة لأنها لا تصلح لأطفال الحضانة حيث أن طفل الحضانة يمتاز باللعب العفوي وهذه اللعبة تجعله لا يتفاعل معها ، ثم أنه يمل ويتركها لعدم استطاعته الفصل بين القطعتين المعدنيتين ، ثم هذه اللعبة قد تصلح للأطفال الكبار وليس لأطفال الحضانة أو حتى لأطفال الروضة .
     وخلال اطلاعي على بعض المواقع الاكترونية بخصوص دور الحضانة فقد قرأت في أحد هذه المواقع وجود : رعاية وخطة تربوية منهجية لمتابعة الطفل في المنزل .
     لكن يتبين أن هذه الخطة لا توجد في دور الحضانة بشكل عملي  ، خاصة إذا نظرنا إلى وجهة نظر أولياء أمور الأطفال إلى دور الحضانة وهي نظرة قاصرة وسلبية ، فهم يعتبرون هذه الدور مكان رعاية وحفظ الأطفال أثناء ساعات النهار خلال وجود الأب والأم في العمل ، ثم لما يبلغ الطفل السن الرابعة وبعد ذلك يلحق الطفل في مرحلة الروضة ، مع أن هناك توجهاً دولياً برعاية وتربية الطفولة المبكرة عندما قرر المؤتمر العام لليونسكو عام 2009 التأكيد على الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة : الحضانة والروضة .
     إن أكثر إدارات دور الحضانة لم تتخصص بالشكل المطلوب في مناهج وطرق التدريس  بالحضانة ، ولعل هذه الدور تقوم على أساس ربحي ( تجاري ) خاصة بعد تقاعد صاحب " دار الحضانة " ولديه رأس مال يستثمره في إدارة " دار الحضانة " .
     وإذا نظرنا إلى مقر " دار الحضانة " فأنه غالباً عبارة عن منزل مؤجر من أحد المواطنين ، وهذا المنزل لا يحمل مواصفات المبنى التعليمي والرعوي لدار الحضانة ، وهذا ما نقوله أن عدم الاهتمام بمرحلة " الحضانة " نتيجة نظر الرسميين أو إدارة " الحضانة " إلى توفير مكان آمن ومريح للأطفال خلال غياب أولياء أمورهم أو تواجدهم في مقار أعمالهم  ، وبالتالي الأطفال غالباً لا يمارسون اللعب التربوي أو لا تكون حركاتهم تعليمية بل عفوية خاصة في هذه المرحلة حيث تكون الحركة أهم هدف في نمو الطفل وتقوية عضلات جسمه ، هذا وجاء في قرار البلدية لمواصفات مبنى " الحضانة :
     الحصول على موافقة وزارة الشئون الإجتماعية والعمل .
     يسمح بالبناء بحد أقصى طابقين أرضي + أول بنسبة 50% من مساحة القسيمة كحد أقصى لكل طابق إضافة إلى سرداب لا يدخل ضمن النسبة .
     يسمح بعمل ملحقات بمساحة لا تزيد عن 3% من مساحة الأرض بحد أقصى 200م2 في الساحـة الأرضية ولا تحسب ضمن النسبة .
     يسمح بعمل مظلات ومعرشات بالساحة الأرضية بحد أقصى 20% من مساحة الأرض ومن مواد خفيفة وبارتفاع لا يزيد عن 3.00م .
     أن يكون موقع القسيمة على شوارع تخديمية فقط .
     توفير مواقف للسيارات بعدد يتناسب وسيارات المشرفين على الدار ولأولياء الأمور .
     إحضار موافقة التنظيم وقسم الطرق بالنسبة للموقع ومواقف السيارات التي تستغل لخدمة القسيمة. إحضار موافقة الإطفاء ( موقع بلدية الكويت الاكتروني ) .

     والمطلوب في مبنى " الحضانة " أن توجد صالات مع غرف تابعة ( فصول ) لها وكل صالة تناسب فئة عمرية مثل طفل ذي السن الواحدة في صالة وطفل ذي السن الثانية في صالة وهكذا ،  لأن كل سن ومرحلة نمو للأطفال لها أدوات وألعاب خاصة،  للأسف لا نجد هذه الصالات وقد تكون هناك صالة واحدة للعب كل أطفال " الحضانة " .
     وأما بخصوص هيئة التعليم أو الرعاية في الحضانة فأن أكثر دور الحضانة تعتمد على عدد قليل من المعلمات فقط وغالباً ما تكون المعلمة أجنبية ذات مؤهل عالي في تربية أطفال الحضانة ، ولما يكون راتبها الشهري كبيراً فأن بعض إدارات " الحضانة " لا تستطيع أن توفر إلا معلمة واحدة للأطفال ، لذا تعتمد هذه الإدارات على العمالة الرخيصة أو " المربية " التي  تساعد هذه المعلمة في حمل الرضع أو تنظيفهم و تغذيتهم و... .
     فالمعلمة الواحدة لا تستطيع أن تعلم كل أطفال الحضانة حسب المنهج المتبع مع عدد كبير من الأطفال ووجود فارق العمر بينهم كبير .
     كذلك يلاحظ أن عدم اهتمام بعض دور الحضانة بتوفر كادر نفسي من اختصاصيات نفسيين واجتماعيين لعلاج بعض الأمراض النفسية التي يتعرض لها الطفل خاصة بعد انفصاله عن أمه ( موقف فطامي نفسي ) وأثر ذلك على نفسية الطفل وعلى شخصيته بعد تغير سلطة الرعاية من البيت إلى دار الحضانة .
     وقد أجريت مقابلة مع أحد التربويين كان لديه دار حضانة في يوم ما ، وتهدف المقابلة إلى التعرف على المزيد ما يدور في دور الحضانة .
     - هل كل دار حضانة لها ترخيص ؟ نعم
     - ما شروط فتح دار حضانة ؟ كتابة كتاب إلى إدارة الطفولة والمرأة بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل إلى جانب موافقة البلدية لصلاحية مكان ومقر " الحضانة " وموافقة وزارة الداخلية والصحة ومركز الإطفاء .
     - ما مواصفات مبنى ومرافق الحضانة ؟ وجود غرف وفصول تعليمية وصالات ألعاب ودورات مياه ومطعم وحوض سباحة .
     - هل إدارة دار الحضانة مؤهلة تربوياً ؟ نعم وغالباً ما تكون مديرة ( إدارة نسائية ) حيث تعرف هذه الإدارة كيفية التعامل مع الفئة العمرية لهؤلاء الأطفال فهي تقوم بدور " الأم" إن صح التعبير .
     - ما الأنشطة التعليمية ؟ تقديم برنامج يراعي فيه نمو الطفل العقلي والانفعالي والاجتماعي والجسمي والحركي بالتعاون مع أولياء الأمور في تطبيق البرنامج ، ويوجد في البرنامج أنشطة تلوين ورسم وطين وألعاب التركيب لنمو التفكير والتركيز والتعلم الجيد ، والسباحة .
     - هل توجد خطة متابعة للطفل في المنزل ؟ نعم .

     لهذا يتبين أن الألعاب التربوية قليلة وقد لا يستفيد منها بعض الأطفال بالحضانة لأنها لا تناسب عمره ونموه الفكري .
     وقد تعرض أكثر دور الحضانة إعلاناً تجارياً لجذب أولياء الأمور بتسجيل أطفالهم بهذه الدور ، سواء طبيعة ونوع المنهج التعليمي أو الأنشطة والمرافق والوسائل التعليمية ، إليك هذا لإعلان :
بدأ التسجيل في حضانة الذكاءات المتعددة
ثلاثية اللغة عربي - انجليزي - فرنسي

     وتستخدم هذه  الحضانة  نظرية الذكاءات المتعددة التي اكتشفها العالم الأمريكي هوارد جاردنر وأسس على أساسها العديد من المدارس التي نجحت نجاحا باهراً في الولايات المتحدة الأمريكية .
     وتركز هذه النظرية على الاهتمام بنمو الطفل من مختلف الجوانب: الرياضي، واللغوي، والاجتماعي، والقيمي، والبصري، والحركي، والموسيقي، والطبيعي في حضانة  الذكاءات سيستمتع أطفالكم الاحباء في بيئة تعليمية ثرية متميزة ملئى بالمفاجئات والتعليم بأحدث الطرق والأدوات .
     نستخدم أحدث نظريات علم النفس التربوي لاكتشاف مواهب الطفل ومهاراته وقدرات
ونساعده للوصول إلى أقصى ما تسمح به إمكاناته .
     تنمية الذكاءات المتعددة وتطوير المواهب الكامنة لدى الطفل .
     لدينا اختصاصية نطق وتخاطب للتغلب على تأخر النطق وصعوبته .
     لدينا معلمات متخصصات في مجال التربية تم تدريبهم من قبل أساتذة متخصصين على استخدام الوسائل التعليمية وطرق التدريس الحديثة .
     مختبر كمبيوتر وبرامج إثرائية للأطفال .
     مرسم مجهز ومسرح عرائس وتعلم باللعب والتجارب والوسائل الحس حركية .
     مناهج أمريكية متطورة .
     مناهج سلوكية قيمية وتحفيظ القرآن الكريم .
     كاميرات مراقبة لمشاهدة الأطفال طوال اليوم الدراسي من قبل الإدارة وأولياء الأمور .


     نلاحظ كيف أن هذا الإعلان تجاري أكثر من كونه تعليمي ، وذلك أن أي دار حضانة في الغالب تتبع منهج تعليمي ورعوي واحد ، ووجود مختبر كمبيوتري يعني وجود صالة خاصة فيها أجهزة كمبيوتر لكل طفل جهاز ، وهذا لا يوجد في إحدى المدارس النموذجية  إلا نادراً ثم كيف يستطيع طفل الحضانة استخدام هذا الجهاز دون تدخل المعلمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق